قال الله جلّ ثناؤه { إن الله وملائكته يُصلون على النبي يا أيُّها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً } .
بين تعالى في الآية – أنّه يُثني على نبيه محمد عند ملائكته المُقربين ، وملائكته يُثنون عليه ويدعون له فيا أيُّها الذين آمنوا صلّوا أنتم على رسول الله وسلموا تسليما ، لأنكم أحقٌ بذلك ، لما نالكم ببركة رسالته من شرَف الدنيا والآخرة .
وقد علّمنا رسول الله كيف نُصلي عليه .
- فعن كعب بن عُجرة رضي الله عنه قال : قُلنا يا رسول الله ، قد عَلمِنا كيف نُسلم عليك ، فكيف نُصلي عليك ؟ قال :
(( فقولوا : اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد ، كما صلّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد ، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد )) .
قوله (( اللهم )) أي : يالله
وقوله (( صّل )) الصلاة من الله : ثناؤه سبحانه وتعالى على نبيه في الملأ الأعلى ، ورفعه لذكره .
- وقوله (( محمد )) مبني على زِنَة (( مُفعّلِ )) مثل : مُعظم ومُبَجل وهو بناء موضوع للتكبير .
<LI dir=rtl>
والصلاة من الملائكة عليهم السلام : سؤال الله تعالى أن يُعلي ذكر نبيه ويُثني عليه .
<LI dir=rtl>
والصلاة من العبد المُصلي : ثناء من المصلي على رسول الله ، وسؤال الله تعالى أن يُثني عليه في الملأ الأعلى .
<LI dir=rtl>
قال أبو العالية – رحمه الله تعالى ، مُبيناً معنى الصلاة : صلاة الله ثناؤه عليه عند الملائكة ، وصلاة الملائكة الدعاء .
لذا فمُحمد : هو الذي كُثر حمدُ الحامدين له واستحق أن يُحمد مرّة بعد أخرى .
- وقوله (( وآل محمد )) هم أمّهات المؤمنين رضي الله عنهن ، وبنو هاشم وبنو المُطلب .
واختار جمع من أهل العلم أن (( آل محمد )) أتباعه إلى يوم القيامة ؛ وممّن اختاره : جابر رضي الله عنه والثوري ، وبعض أصحاب الإمام الشافعي ، والنووي ، والأزهري رحمهم الله تعالى .
- والصلاة على آله من تمام الصلاة عليه وتوابعها لأن ذلك ممّا تقرّ به عينُه ويزيدُه الله بها شرفاً .
صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً .
وقوله (( آل إبراهيم )) معلوم أن سيّدنا محمداً هو خير آل إبراهيم .
- وهذا سِر كون الصلاة الإبراهيمية أفضل صيغ الصلوات على رسول الله ، لكونها تضمنت فضل الصلاة على محمد وفضل الصلاة على إبراهيم وذريته من الأنبياء والمُرسلين ، لتكون كٌلها لرسول الله.
<LI dir=rtl>
فعندما يسأل المصلي ربّه عز وجل أن يُصلي على محمد ثم يسأله أن يُصلي عليه كما صلى على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ، يكون قد صلى على محمد أولاً ، ثم صلى عليه ثانياً مع آل إبراهيم لأنه داخل معهم ، فتكون الصلاة على آل إبراهيم أفضل لأنها تضمنت الصلاة على رسول الله ومعه سائر الأنبياء والمرسلين من ذرية إبراهيم عليهم السلام .
وقوله (( وبارك )) طلب مِثِل الخير الذي أعطاه الله لإبراهيم وآله ، لمحمد وآله ، وأن يدوم هذا الخير ويتضاعف .
(( والحميد )) هو الذي له من صفات وأسباب الحمد ما يقتضي أن يكون محموداً في نفسه .
(( والمجيد )) هو المستلزم للعظمة والجلال ، والحمد والمجد إليهما يرجع الكمال كُّله ، فناسب أن يُختم بهما طلباً لزيادة الكمال في حمد النبي وتمجيده عند الله تعالى .