أسطورة أطلنطس.. أين موقعها بالضبط؟.
"كانت أمة عظيمة غرق شعبها في الفساد، فحلّ عليها الدمار بكارثة رهيبة على شكل انفجار بركاني تلاه ارتفاع هائل في أمواج البحر، وخلال يوم وليلة اختفت أطلنطس تحت البحر، كأنها لم تكن موجودة من قبل".
أفلاطون في محاور "تيماوس"
تيمة "الأرض المفقودة" هي التيمة الأشهر في أدب الخيال العلمي، وأمل أي باحث عن الكنوز والآثار في العالم هو أن يتعثر في إحدى تلك الأراضي المفقودة، وتبقى أشهر الخرافات على الإطلاق التي باتت كالحقيقة هي "قارة أطلنطس"..
أصحاب محاورات أفلاطون سقراط و كريتياس لا يمكن أن يجتمعوا معاً
بداية الأسطورة
ورد أول ذكر لقارة أطلنطس في محاورات أفلاطون الشهيرة مع "تيماوس" و "كريتياس"، حيث ذكر "كريتياس" -وهو الجد الأكبر لأفلاطون- أنه سمع من جده الأكبر أنه سمع من الخطيب والقائد الإغريقي "صولون" أنه سمع أثناء زيارته لمدينة "سايس" المصرية وذلك عام 590 ق.م، حكاية يتداولها الكهنة المصريون، عن جزيرة عظيمة كان اسمها أطلنطس، وأنها غرقت في ليلة واحدة. وظل الناس يتداولون هذه الحكاية شفهياً، ولم تسجل أبداً على أوراق أو تنقش على باب معبد، وقد حدد "أفلاطون" زمن غرق قارة أطلنطس بـ 9000 عام قبل زمنه، أي منذ 11500 سنة قبل الميلاد، وقد أخذت المحاورات تصف القارة العظيمة من الازدهار المعماري والهندسي والاختفاء الغامض الذي حدث لها في قاع المحيط دون تفسير.
صورة تخيلية للمدينة العظيمة
الحقيقة أن الجدل حول طبيعة هذه المحاورات قد نشب بين مؤيدي ومعارضي وجود قارة أطلنطس، ففي تاريخ هذه المحاورات عام 421 ق.م، كان عمْر أفلاطون 6 سنوات!. وقد كتب هذه المحاورات عام 355 ق.م، أي في سن السبعين تقريباً، ولكن البعض يردد أنه كتب المحاورات محاولاً بناء صورة خيالية للمحاورة بناء على معلومات حقيقية.. وعلى الرغم من أن المحاورات هي الدليل الوحيد التاريخي على وجود قارة أطلنطس، إلا أن معظم الحضارات القديمة قد اتفقت على فكرة وجود قارة متقدمة هندسياً وتكنولوجياً فَنَتْ في يوم وليلة نتيجة كارثة رهيبة، وهكذا هاجر أهلها -كما قالوا- إلى الكواكب وراء الشمس، أو في اتجاه الغرب.. وهناك من يدعي وجود وثائق نادرة تتحدث بدقة عن قارة أطلنطس وتحدد مكانها وزمنها ووقت فنائها وكيفية الفناء وماهية الكارثة التي لحقت بالقارة وشكل الحضارة وعن مصير أهلها، وذلك في مكتبة الفاتيكان السرية.
معابد أطلنطية من الذهب الخالص
وصف أطلنطس
قدم "أفلاطون" وصفاً خيالياً لقارة أطلنطس، فبدا الأمر وكأنه يعيد وصف جمهوريته الفاضلة التي أسهب في الحديث عنها:
شعب متحضر متقدم يعيش في رخاء، وفي منتصف الجزيرة وعلى ربوة عالية يقع قصر ومعبد يكشف طول المدينة التي يبلغ طول قطرها عشرين كيلو متراً، وحول المدينة خندق مائي، وكانت هناك تيارات من الماء الدافئ والبارد لتستخدم في الحمامات، وكانت هناك معابد للأوثان الإغريقية القديمة وهناك تماثيل لها من الذهب الخالص، وكانت هناك حدائق واسعة ممتدة على مرمى البصر، والسكان يمارسون الزراعة وهناك صناعة وتعدين، وكان هناك عشرة ملوك يحكمون الجزيرة، وكان سكان أطلنطس يحكمون جزيرتهم وعدة جزر أخرى من القارة الكبيرة، ثم تقدمت جيوشهم لتستولي على شمال أفريقيا وجنوب أوروبا.
صورة تخيلية للقارة الغارقة
ثم في صراع مرير مع الحضارة العظيمة التي تضاهيها في القوة "أثينا" ثبت تاريخياً أنه لم تكن هناك حضارة بتلك المواصفات في تلك الفترة، تمكنت من هزيمة أطلنطس، ثم حدث زلزال وفيضان، ثم اختفت الحضارتان -أثينا وأطلنطس- بضربة مزدوجة.
أماكن مقترحة لقارة أطلنطس
أما عن مكان أطلنطس حسب وصف "أفلاطون"، فهي على مقربة من أعمدة هرقل -جبل طارق- على جرف البحر المتوسط، ولكن هذا التقدير خضع لتخمينات لا تعد ولا تحصى، فهناك من يدعي وجود القارة بالقرب من جزر الكناري، وهناك من يقول إنها أفريقيا، أو جزء من أفريقيا، وهناك من ادعى أنها مطمورة تحت أطنان من الرمال في منطقة الصحراء الكبرى، وهناك من ادّعى أنها جنوب أفريقيا، ووصلت بعض التخمينات إلى درجة من الشطط بأن ادّعى أحدهم أنها بريطانيا، وادّعى آخر بأنها السويد!.
الفيضان الهائل الذي دمر أطلنطس
أسطورة أطلنطس
"الأطلنتيولوجي" علم يبحث عن قارة أطلنطس وما يتعلق بها، وأوجده العالم "دونيللي" عام 1882، وذلك في كتابه (أطلنطس وعالم ما قبل الطوفان).. ومن يومها وقد صارت "أطلنطس" أسطورة عالمية بعدما ظلت قاصرة على الصفوة فقط، وهناك مدن وقارات أخرى مفقودة لم تحظَ بهذه الشهرة التي حظيت بها "أطلنطس" مثل قارة "ماما" أو أرض "مو".. وقد ربط العالم "دونيللي" بين حضارة " أطلنطس" والحضارة الفرعونية، وكتب كلاماً كثيراً ليس له "محل من الإعراب" عن "أطلنطس" التي بنت الهرم الأكبر وعن الفراعنة أحفاد سكان قارة "أطلنطس" وعن الحضارة الفرعونية التي ظهرت فجأة دون أساس!.. ولكن الأثريين وقفوا بالمرصاد أمام هذا الكلام المزعوم، وأثبتوا عدم دقة "دونيللي" في تحرّي معلوماته، وإن سار الكثير من العلماء على مبدأ "أطلنطس بنت الهرم" ومن بينهم علماء آثار مصريون!.
ألاف الكتب تناولت أسطورة أطلنطس بكل لغات العالم
الأحجية العجيبة
في كل الحضارات الغابرة نجد إشارة إلى قدوم سكان من كواكب أخرى من أزمنة غابرة إلى الأرض، البعض تناسل وتكاثر بل وأجرى التجارب البيولوجية، أو ما يعرف بـ"الهندسة الميثيولوجية"، ولكن السؤال هو: هل كانت أطلنطس مصدر تلك الإشاعات حتى اعتقد القدماء أنهم قدموا من الفضاء الخارجي؟.. أم أنهم قدموا بالفعل من الفضاء الخارجي وكوّنوا حضارة "أطلنطس"؟
أطلنطس أم الإمبراطوريات
وعلى أية حال.. يقف البعض أمام أسطورة أطلنطس ليعدد من مزايا القارة الرهيبة التي امتلكت تكنولوجيا متقدمة لدرجة يدّعي البعض أنها فاقت التكنولوجيا الحالية بمراحل، فهناك من يدّعي أنهم استخدموا طاقة هائلة كان مصدرها أشعة الشمس، حيث كانت تخزن في بلورات كريستالية، وهذا ما جعل البعض يجزم أن مكان قارة أطلنطس هو مثلث برمودا، وأن الاختلال الملاحي الذي يحدث في تلك المنطقة الغامضة ناجم عن بقايا التكنولوجيا الهائلة وبقايا قطع الكريستال التي لا تزال تمتلك بعض الطاقة منذ ذلك الزمن الغابر!.
أطلنطس الجنة الأرضية
بل يذهب البعض أن سبب تفجير الجزيرة هو انفجار نووي عاتٍ، وهناك من يدعي أنه استطاع رؤية بقايا أطلال الجزيرة تحت المحيط، وهناك من يدعي أنه زارها فكرياً أو حتى فعلياً!.. ولكن يبقى كل هذا مجرد خيال لم يثبت صحته.. مثلها مثل مدينة الذهب الأمريكية أو قارة "مو"، ولكن ميزة الخيال أنه يبقى مجرد حلم، ربما لو تحول إلى حقيقة، لفقد كل جماله ورونقه.. حتى أن فولتير قال: "إن لم تكن هناك أطلنطس.. فيجب أن نكتشفها"!.