الضــــحك ألمـــــــــــا
بينما كنت أجلس بنقابة التشكيليين أرتشف الشاي أقلب بين الوجوه،أبحث عن ذكرى
مرخلال نظري وجهان
ظننت لوهلة أن أحدهما أعرفه، حاولت لملمة شتات الذاكرة، نعم إنه صديق الدراسة سعيد مصطفى
ناديت:على الأخ سعيد مصطفى الحضور فورا للإذاعة
التفت على الفور، و عندما زالت عن وجهه غشاوة الدهشة صرخ كعادته
ســــــنــــــجـــــــــــــــــــور
تعانقنا نطفئ حرارة فراق سنين،داعبني كعادته:
ما هي أخبارك أيها الخائن (روزنكراتس)؟ها ها
-أمازلت تذكرين (روزنكراتس) يا (مولاتي)؟ها ها
- حد يقدر ينسى الممثل المشهور و الفنان الكبور محمد بن سنجور
) ضحكنا كعادتنا) ها ها ها ها
أوه،كنت ها تنسيني، أعرفكم ببعض (يتحدث إلى رفيقه)
هذا هو الفنان الكبير محمدسنجر اللي حكيت لك عنه(يغمز له بعينه)
أهلا وسهلا (مددت يدي للسلام):
و هذا هو النحات الكبير محمود عبد السميع
بمجرد ذكر هذا الاسم زادت حرارة جسدي ,واندفعت الدماء برأسي،كأنما صفعني على وجهي صفعة قوية، سحبت يدى بسرعة، سألته: محمود عبد السميع؟
مش إنت اللي عملت المية وخمسين تمثال بتوع سينا؟
قال في سعادة متفاخرا:
آه و الله صح، بس انته عرفت الموضوع ده ازاي؟ هو أنا مشهور قوي كده؟
غضب الكون بأكمله انفجر برأسي،وجدتني ألملم غباء وجهالة العالم أجمع في قبضتي،
ودون إبداء أية أسباب سددت لوجهه المتورد لكمة تكسرت لها أصابعي ونزف لها أنفه الأشم
وصرخت بأعلى صوتي:
متى استعبدتم الناس؟؟؟؟
خرجت مسرعا رافضا التواجد مع شخص كهذا بنفس المكان، ورغم محاولات صديقي سعيد فهم سبب تهوري لهذه الدرجة،أجبته والدموع تخنقني :
اسأله عمل القالب بتاع التماثيل ازاي ابن ال.........؟؟؟
رحلت مسرعا تسيل الدموع من عيني تغرق الكون حولي،خطفتنيالذاكرة على جناحيها، طارت بي عاليا،بدأت في الهبوط بي رويدا رويدا، وضعتني برفق حيث كنت هناك منذ عامين،وجدتني مرتديا ملابسي العسكرية،كنت ليلتها عائدا من إجازتي الأسبوعية، أدخل إلى عنبر الجنود، صوت نباح بعيد يقطع سكون الليل، أحاول التقدم، ذهبت إلى سريري الحديدي حذرا أحاول جاهدا ألا أقلقهم بقدومي، أسير على أطراف أصابعي بالكاد أتحسس طريقي وسط الظلام، وقفت للحظات، بدأت الغشاوة التي أسدلت على عيني ستائرها القاتمة تنجلي رويدا رويدا، بدأت الصورة تتضح، أسرة الجنود متراصة على الجانبين، غطيط الجنود المنهكين من التعب يملأ المكان، كونشرتو أنفاسهم تتردد هنا. وهناك أصل بعد عناء إلى سريري القابع في انتظاري في زاوية من العنبر بالكاد لمحته نائما كعادته.
علامة استفهام رسمها بجسده الضعيف طفلا في مهده ينتظر هدهدة أمه الحانية، حاولت ألا أتسبب في تعكير صفو أحلامه الوردية، كثيرا ما قص علي بعضا من هذه الأحلام البريئة، كثيرا ما انتفضت ضحكا من فرط براءتها، يقطن الدور السفلي من نفس السرير بينما أسكن أنا الدورالعلوي، تذكرت عندما طلب مني على استحياء أن أسمح له بالنوم بالدور الأول، شكالي (فوبيا) الأماكن العالية، بالرغم من أننا كنا زملاء دراسة بكلية الفنون الجميلة، لكن للأسف لم تسعدني الظروف أن أتعرف وقتها على هذا الوجه الذي فاضت عليه طيبة قلب ناصع البياض، كم حاولت جاهدا تذكر هذا الوجه القمحي، ولكن كانت دائما ما ترتد في وجهي أبواب الذاكرة منغلقة, ربما كان نتيجة اهتماماتنا البعيدة كل البعد. كان يدرس (العمارة) بينما كنت أدرس (الرسم والتصوير), كان يرحل إلى منزله في الواحدة ظهرا بينما كانت الكلية بالنسبة لنا بيتا لا نبرحها إلا منتصف الليل. حاولت تحسس موضع قدمي بجواره للصعود إلى مرقدي، فوجئت بصوته الحاني هامسا:حمدالله ع السلامة يا أبو حميد
أسفت لفشلي في الحرص على عدم إيقاظه، فهمست:
ما فيش فايدة؟ برضه صحيتك؟
- لا والمسيح،أنا عارف إنك ها تيجي النهاردة، عشان كده فضلت صاحي مستنيك، حمد الله ع السلامة ياحاج.
- الله يسلمك يا أبو جرجس
- أخبار الأهل إيه؟
-الحمد لله، كله تمام
-iما تيجي نخرج بره عشان ما نزعجش الجماعة وإلا إنت تعبان ؟
-ولاتعبان ولاحاجة، ياله بينا
خرجنا إلى جلستنا المعتادة خلف العنبر، القمر كان ليلتها بدرا ينير المكان من حولناا
-أسكت يامحمد ياخويا أما أنا اتبهدلت من بعدك بهدلة.
-ليه؟ خير ان شاء الله .
صلى على النبى .
-عليه الصلاة والسلام.
.................
تااااااااااااااااااااابع